بحث حول النقائض

النقائض

النقائض سلسلة من النقائض بين جرير والفرزدق استمرت * 45 * سنة بدات وانتهت قبل النقائض بين جرير والاخطل ( االرنديسي) واستمرت * 20 * سنة بينهما . ن أول ظهور لمصطلح (النقض) كان في العصر الأموي، وتحديدا فيما عرف بـ (النقائض)، وهي تلك المعارك الشعرية التي دارت رحاها بين عدد من الشعراء في العصر الاموي، وكانت ريادته في الاخطل وجرير والفرزدق، حيث يكتب الشاعر قصيدة في هجاء خصمه، فيرد الخصم (ناقضا) هذه القصيدة مع التقيد بوزنها وقافيتها، وتتفق (النقائض) مع (القلطة) في عملية نقض ما يقوله الخصم، ولكن الفرق هو ان القلطة تتطلب المباشرة والسرعة في الرد، بينما لا يشترط ذلك في شعر النقائض، والذي يظل اقرب إلى الرديات التي تتم بين الشعراء هذه الأيام، وان كانت النقائض قد تركزت على غرض الهجاء تحديدا في العصر الاموي.

فالنقائض إذن مصطلح أدبي لنمط شعري، نشأ في العصر الأموي بين ثلاثة من فحوله هم: جرير والفرزدق والأخطل. وهذا المعنى مأخوذ في الأصل من نقَض البناء إذا هَدَمَه، قال القرآن: ﴿ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا﴾ "النحل: 92". وضدُّ النقض الإبرام، يكون للحبل والعهد. وناقَضَه في الشيء مناقضةً ونِقَاضًا خالفه. والمناقضة في القول أن يتكلم بما يتناقض معناه، وفي الشعر أن ينقض الشاعر ما قال الأول، حيث يأتي بغير ما قال خصمه. والنقيضة هي الاسم المفرد يُجمع على نقائض، وقد اشتهرت في هذا المعنى نقائض الفرزدق وجرير والأخطل، وقد عُرف المعنى المادي الذي يتمثل في نقض البناء أو نقض الحبل أولاً، ثم جاء المعنوي الذي يبدو في نقض العهود والمواثيق، وفي نقض القول، وهو المراد هنا، إذ أصبح الشعر ميدانًا للنقض حتى سُمِّي هذا النوع منه بالنقائض.

معناها الاصطلاحي. هو أن يتجه شاعر إلى آخر بقصيدة هاجيًا، فيعمد الآخر إلى الرد عليه بشعر مثله هاجيًا ملتزمًا البحر والقافية والرَّوِيَّ الذي اختاره الشاعر الأول. ومعنى هذا أنه لابد من وحدة الموضوع؛ فخرًا أو هجاءً أو غيرهما. ولابد من وحدة البحر، فهو الشكل الذي يجمع بين النقيضتين ويجذب إليه الشاعر الثاني بعد أن يختاره الأول. وكذلك لابد من وحدة الرَّوي؛ لأنه النهاية الموسيقية المتكررة للقصيدة الأولى، وكأن الشاعر الثاني يجاري الشاعر الأول في ميدانه وبأسلحته نفسها.

معانيها المقصودة: الأصل فيها المقابلة والاختلاف؛ لأن الشاعر الثاني يجعل همّه أن يفسد على الشاعر الأول معانيه فيردها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها مما يعرفه أو يخترعه، وإن كانت فخرًا كذَّبه فيها أو فسَّرها لصالحه هو، أو وضع إزاءها مفاخر لنفسه وقومه وهكذا. والمعنى هو مناط النقائض ومحورها الذي عليه تدور، ويتخذ عناصره من الأحساب، والأنساب والأيام والمآثر والمثالب. وليست النقائض شعرًا فحسب، بل قد تكون رَجَزًا أو تكون نثرًا كذلك. ولابد أن تتوفَّر فيها وحدة الموضوع وتقابُل المعاني، وأن تتضمن الفخر والهجاء ثم الوعيد أيضًا، وقد تجمع النقائض بين الشعر والنثر في الوقت نفسه.

نشأتها: نشأت النقائض مع نشأة الشعر، وتطورت معه وإن لم تُسمَّ به مصطلحًا. فقد كانت تسمى حينًا بالمنافرة وأخرى بالملاحاة وما إلى ذلك من أشكال النفار. وكانت في البداية لا تلتزم إلا بنقض المعنى والمقابلة فيه، ثم صارت تلتزم بعض الفنون العامة دون بعضها الآخر، مما جعلها لا تبلغ درجة النقيضة التامة، وإن لم تبعد عنها كثيرًا، ولاسيَّما في جانب القافية. ولاشك أن النقائض نشأت ـ مثل أي فن من الفنون ـ ضعيفة مختلطة، وبمرور الزمن والتراكم المعرفي والتتبُّع للموروث الشعري، تقدَّم الفن الجدلي وأخذ يستكمل صورته الأخيرة قبيل البعثة، حتى قوي واكتمل واتضحت أركانه وعناصره الفنية. فوصل على يد الفحول من شعراء بني أمية إلى فن مكتمل الملامح تام البناء الفني، اتخذ الصورة النهائية للنقيضة ذات العناصر المحددة التي عرفناها بشكلها التام فيما عُرف بنقائض فحول العصر الأموي وهم جرير والفرزدق والأخطل.

مقوِّماتها: اعتمدت النقائض في صورتها الكاملة على عناصر أساسية في لغة الشعراء، منها النَّسَب الذي أصبح في بعض الظروف وعند بعض الناس من المغامز التي يُهاجِم بها الشعراء خصومهم حين يتركون أصولهم إلى غيرها، أو يدَّعون نسبًا ليس لهم. وقد كانت المناقضة تتخذ من النسب مادة للتحقير أو التشكيك أو نفي الشاعر عن قومه أو عدّه في رتبة وضيعة، وكذلك كان الفخر بالأنساب وبمكانة الشاعر من قومه وقرابته من أهل الذكر والبأس والمعروف أساسًا، تدور حوله النقائض سلبًا أو إيجابًا. فاعتمد الشعراء المناقضون على مادة النسب وجعلوها إحدى ركائز هجائهم على أعدائهم وفخرهم بأنفسهم. ومن أسباب ذلك أن المجتمع العربي على عصر بني أمية رجع مرة أخرى إلى العصبية القبلية التي اختفت نوعا ما في زمن النبوة و الخلفاء الراشدين.

ومنها أيضًا أيام العرب التي اعتمدت النقائض عليها في الجاهلية والإسلام، فكان الشعراء يتَّخذون منها موضوعًا للهجاء ويتحاورون فيه، كما صور جزء من النقائض الحياة الاجتماعية أحسن تصوير، ووصف ماجرت عليه أوضاع الناس، ومنها العادات المرعية والأعراف والتقاليد التي يحافظ عليها العربي أشد المحافظة. فكانت السيادة والنجدة والكرم، وكان الحلم والوفاء والحزم من الفضائل التي يتجاذبها المتناقضون، فيدعي الشاعر لنفسه ولقومه الفضل في ذلك. وقد أصبحت النقائض سجلاً أُحصيت فيه أيام العرب ومآثرها وعاداتها وتقاليدها في الجاهلية وفي الإسلام.

بعض من أبيات النقائض بين جرير و الفرزدق


كان جريرمرسل العنان لا يعوقه قيد , حاد الذهن , خبيث اللسان , والفرزدق سليط اللسان , فاجر النفس متين الشعر , وسهل القافيه ,للاثنين نقائض عديده , وهجاءات جمه , انقل لكم بعضٌ منها ,( جواهر الادب ) .

ـ الفرزدق :
ان الذي سمك السماء بنى لنا بيتاً دعائمه اعزّ واطولُ
بيتاً زرارة محتبٍ بفنائه ومجاشعٌ وابو الفوارس نهشلِ
لا يحتبى بفناء بيتك مثلهم ابداً اذا عُد الفعال الافضل

ـ يرد عليه جرير :
أخزي الذي سمك السماء مجاشعاً وبنى بناءك في الحضيض الاسفل
بيتٌ يُحمم قينكم بفنائه دنساً مقاعدهُ خبيثُ المدخل ِ
قُتل الزبير وانت عاقد حبوةٍ تباً لحبوتك التي لم تحللِ
وافاك غدرك بالزبير على منى ومجرُ جعثنكم بذات الحرمل
بات الفرزدق يستجير لنفسه وعجان جعثن كالطريق المعمل

( جعثن اخت الفرزدق )

ـ الفرزدق :
حُلل الملوك لباسنا في اهلنا والسابغات الى الوغى نتسربل

ــ جرير :

لا تذكروا حُلل الملوك فانكم بعد الزبيركحائضٍ لم تغسلِ

ــ الفرزدق :

احلامنا تزن الجبال رزانةً وتخالنا جُناً اذا لم نجهلُ
خالي الذي غصب الملوك نفوسهم واليه كان حباء جفنة يُنقلُ
انا لنضربُ راس كل قبيلةٍ وابوك خلف اتانه يتقملُ

ــ جرير :
كان الفرزدق اذ يعوذ بخالهِ مثل الذليل يعوذ تحت القرملِ
افخر بضبةَ ان امك منهم ليس بن ضبةَ بالمعم المخولِ
ابلغ بني وقبان ان حلومهم خفت فلا يزنون حبة خردل

شعر النقائض :
تعريفه : قصائد ينقض بعضها بعضا وذلك بأن يقول الشاعر قصيدة يفتخر بنفسه وقبيلته ويعرض بشاعرآخرأويهجوقبيلة الشاعر الآخر
فإذا سمع الشاعر المهجوتلك القصيدة نقضها .أي نقض معانيها وفضح أكاذيبها ولا بد من اتفاق القصيدتين البادئة بالهجاء والمنقوضة في البحر
وحرف الروي وحركة حرف الرويوبما أن شعر النقائض يعتمد على نقض المعنى المشتمل على معارف كثيرة فإنه لابد لشاعر النقائض
من المعرفة التامة بمثالب القبائل وأنسابها وأيامهاحتى يتسنى له نقض كل مايورده الشاعر الذي هجاه أو هجا قبيلته
تأريخه : عرفت النقائض في العصر الجاهلي
في العصر الأموي ازدهر شعر النقائض والسبب : وجود مسرح دائم للشعر وهو سوق المربد في البصرة ووجود الجمهور .ثم تحولت قصائد النقائض
بشرائها وجمهورها إلى نوع من أنواع التسلية
فوائدها حفظت أيام العرب وأنسابهم وأخبارهم في الجاهلية والإسلام
من أشهر شعراء النقائض جرير والفرزدق والأخطل ومن أشهر هؤلاء جرير الذي اشتهر بنقائضه مع الفرزدق والأخطل
وأشهر النقائض التي عرفت في العصر الأموي ماكان بين جرير والفرزدق فقد استمرت خمسة وأربعون عاما والنقائض بين جرير والأخطل
وسأكتب بعض قصائد النقائض فيمابعد إن شاء الله

المرجع : الأشعر النقائض


النقيضة مصطلح مأخوذ في الأصل من نقَض البناء إذا هَدَمَه ،
قال تعالى: "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا"
وناقَضَه في الشيء مناقضةً ونِقَاضًا خالفه , والمناقضة في القول أن يتكلم بما يتناقض معناه ، وفي الشعر أن ينقض الشاعر ما قال الأول، حيث يأتي بغير ما قال خصمه , والنقيضة هي الاسم المفرد يُجمع على نقائض .
تمثل النقائض مصطلحاً أدبياً لنمط شعري نشأ في العصر الاموي ، وهي عبارة عن معارك شعرية دارت رحاها بين عدد من الشعراء في العصر الاموي، وكان فرسانها الاخطل وجرير والفرزدق ، وكان الشاعر يكتب قصيدة في هجاء خصمه، فيرد الخصم (ناقضا) هذه القصيدة بقصيدة اخرى لها نفس الوزن والقافية ، و قد تركزت النقائض في العصر الاموي على غرض الهجاء تحديدا حيث كان الشاعر لايصبر على هجاء خصمه فيجيبه بقصيدة أخرى اكثر اقذاعا وافحاشاً .
نشأ فن النقائض في العصر الأموي واشتدت المهاجاة الشعرية بين الشعراء المتهاجين فلم يصمد في الميدان سوى ثلاثة من فحول الشعر هم : جرير والفرزدق والأخطل. وقد اشتهرت نقائض الفرزدق وجرير والأخطل ، وقد كان احدهم يتجه نحو خصمه بقصيدة هاجيًا ، فيعمد الآخر إلى الرد عليه بشعر مثله هاجيًا ملتزمًا البحر والقافية والرَّوِيَّ الذي اختاره الشاعر الأول , ومعنى هذا أنه لابد :
- من وحدة الموضوع فخرًا أو هجاءً أو غيرهما , ولابد
- من وحدة البحر، فهو الشكل الذي يجمع بين النقيضتين ويجذب إليه الشاعر الثاني بعد أن يختاره الأول , ولابد كذلك
- من وحدة الرَّوي لأنه النهاية الموسيقية المتكررة للقصيدة الأولى، وكأن الشاعر الثاني يجاري الشاعر الأول في ميدانه وبأسلحته نفسها.
ونمو شعر النقائض له اسبابه الاجتماعية والعقلية وكان الناس يجدون فيه نوعا من التسلية والترويح ، اما النقائض بحد ذاتها فقد كانت تعبيرا واضحا عن نمو العقل العربي ومرانه على الحوار والجدل والمناظرة .
الأصل في النقائض هو المقابلة والاختلاف ؛ لأن الشاعر الثاني يجعل همّه أن يفسد على الشاعر الأول معانيه فيردها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها مما يعرفه أو يخترعه، وإن كانت فخرًا كذَّبه فيها أو فسَّرها لصالحه هو، أو وضع إزاءها مفاخر لنفسه وقومه وهكذا. والمعنى هو ركيزة النقائض ومحورها الذي عليه تدور، ويتخذ عناصره من الأحساب القبلية ، والأنساب والأيام والمآثر والمثالب. وليست النقائض شعرًا فحسب، بل قد تكون رَجَزًا أو تكون نثرًا كذلك. ولابد أن تتوفَّر فيها وحدة الموضوع وتقابُل المعاني، وأن تتضمن الفخر والهجاء ثم الوعيد أيضًا، وقد تجمع النقائض بين الشعر والنثر في الوقت نفسه.
نشأت النقائض مع نشأة الشعر، وتطورت معه وإن لم تُسمَّ به مصطلحًا. فقد كانت تسمى حينًا بالمنافرة وأخرى بالملاحاة وما إلى ذلك من أشكال النفار. وكانت في البداية لا تلتزم إلا بنقض المعنى والمقابلة فيه، ثم صارت تلتزم بعض الفنون العامة دون بعضها الآخر، مما جعلها لا تبلغ درجة النقيضة التامة، وإن لم تبعد عنها كثيرًا، ولاسيَّما في جانب القافية. ولاشك أن النقائض نشأت ـ مثل أي فن من الفنون ـ ضعيفة مختلطة، وبمرور الزمن والتراكم المعرفي والتتبُّع للموروث الشعري، تقدَّم الفن الجدلي وأخذ يستكمل صورته الأخيرة قبيل البعثة المحمدية ، حتى قوي واكتمل واتضحت أركانه وعناصره الفنية , فوصل على يد الفحول من شعراء بني أمية إلى فن مكتمل الملامح تام البناء الفني ، اتخذ الصورة النهائية للنقيضة ذات العناصر المحددة التي عرفناها بشكلها التام فيما عُرف بنقائض فحول العصر الأموي وهم جرير والفرزدق والأخطل.
اعتمدت النقائض في صورتها الكاملة على عناصر أساسية في لغة الشعراء، منها النَّسَب الذي أصبح في بعض الظروف وعند بعض الناس من المغامز التي يُهاجِم بها الشعراء خصومهم حين يتركون أصولهم إلى غيرها، أو يدَّعون نسبًا ليس لهم. وقد كانت المناقضة تتخذ من النسب مادة للتحقير أو التشكيك أو نفي الشاعر عن قومه أو عدّه في رتبة وضيعة، وكذلك كان الفخر بالأنساب وبمكانة الشاعر من قومه وقرابته من أهل الذكر والبأس والمعروف أساسًا، تدور حوله النقائض سلبًا أو إيجابًا. فاعتمد الشعراء المناقضون على مادة النسب وجعلوها إحدى ركائز هجائهم على أعدائهم وفخرهم بأنفسهم. ومن أسباب ذلك أن المجتمع العربي على عصر بني أمية رجع مرة أخرى إلى العصبية القبلية التي كان عصر النبوة قد أحل محلها العصبية الدينية .
ومنها أيضًا أيام العرب التي اعتمدت النقائض عليها في الجاهلية والإسلام، فكان الشعراء يتَّخذون منها موضوعًا للهجاء ويتحاورون فيه، كما صور جزء من النقائض الحياة الاجتماعية أحسن تصوير، ووصف ماجرت عليه أوضاع الناس، ومنها العادات المرعية والأعراف والتقاليد التي يحافظ عليها العربي أشد المحافظة , فكانت السيادة والنجدة والكرم، وكان الحلم والوفاء والحزم من الفضائل التي يتجاذبها المتناقضون، فيدعي الشاعر لنفسه ولقومه الفضل في ذلك. وقد أصبحت النقائض سجلاً أُحصيت فيه أيام العرب ومآثرها وعاداتها وتقاليدها في الجاهلية وفي الإسلام.
ومن الواضح ان جريرا والفرزدق درسا تاريخ القبائل العربية في الجاهلية والاسلام وهذا ما يعد وثائق تاريخية طريفة ولم يكن الشاعر يدرس تاريخ القبائل التي يدافع عنها فحسب وانما كان يدرس ايضا تاريخ القبائل التي يهجوها ليقف على الايام التي انهزمت فيها حتى يستطيع ان يبدع في هجائه وسرعان ما وصلت النقائض الى العصر الاموي ليس في مجال المدح والهجاء فحسب وانما امتدت الى النسب والغزل والفخر والولاء وغيره .
بدا الهجاء بين جرير والفرزدق حين استعان احد الشعراء من قبيلة الفرزدق به للرد على جرير فقام الفرزدق بالانتصار لصاحبه فرد عليه جرير واشتعلت بينهما نار هجاء لم تنطفئ الا بموت الفرزدق وقد كان الهجاء بينهما يركز على ذم القبيلة وذم النسب وتحقير صفات الخصم , ومن قول الفرزدق في جرير:
ووجـدت قومك فقّؤوا مـن لـؤمهم *** عينيك عنـــــد مكارم الاقوام
صغــــــــرت دلاؤهم فما ملأوا بها *** حوضــــــا ولاشهدوا عراك زحام
فأجابه جرير :
مهلا فرزدق إن قومك فيــــهم *** خور القلوب وخفة الاحلام
الظاعنون على العمى بجميعهم *** والنازلـــــــون بشر دار مقام
اما الاخطل فقد ارسل اليه احد اسياد قبيلة مجاشع (قبيلة الفرزدق) بألف درهم وكسوة وبغلة لكي يدعم الفرزدق في حربه ضد جرير فقال قصيدة يهجو جريرا ويفضل الفرزدق عليه منها :
أجرير إنـك والذي تسمـو لـه *** كأسيفة فخرت بحدج حصـان
تاج الملوك وفخرهم في دارم *** ايام يـــــــــربوع مع الرعيان
فأجابه جرير :
ياذا الغباوة إن بشراً قد قضى *** ألا تجوز حكومة النشوان
فعوا الحكومة لستم من أهلهـا *** إن الحكومة في بني شيبان
واتصل الهجاء بين الاخطل وجرير وتناقلت الناس اشعارهما .
ولابد من ملاحظة الدوافع القبلية والشخصية لهذا التهاجي فالفرزدق ميلا لم يهج دفاعا عن القبيلة فقط بل لانه اراد منافسة جرير على زعامة تميم الشعرية , كما ان الاخطل سخط ايضا على جرير لانه مدح قبيلة قيس المعادية لبنى تغلب رهط الاخطل كما خاف الاخطل ايضا ان يزاحمه جرير على مكانته في بني امية .
واستمر الحقد متصلا فعندما مات الاخطل في حياة جرير قال فيه :
زار القبور أبو مالك *** فكـــان ألأم زوارها
كما هجا الفرزدق بعد موته فقال :
مات الفرزدق بعدما جدّعته *** ليت الفرزدق كان عاش طويلا
ولما لامه الناس في ذلك رثاه ببيتين من الشعر , ولم يلبث بعده ان مات بعد بضعة اشهر .
وفي الختام نقول ان النقائض لم تكن تمثل فقط ثأرا شخصيا بل كانت مجالا للمنافسة بين الشعراء طلبا للجوائز وشجعها الخلفاء لصرف الانتباه عن مظالمهم ورغب فيها الناس لما وجدوه فيها من تسلية وترويح ولكن خصائصها الفنية وتأريخها لماضي القبائل وايام العرب المشهورة وقوة اسلوبها ومبالغتها في الخيال جعلها تقدم للغة العربية ثروة ادبية عظيمة وسجلا تاريخيا لكثير من الوقائع والعادات في العصر الاموي وما قبله , أما مايعيب النقائض فهو دعوتها الى العصبية القبلية وخروجها على روح الاسلام السمحة التي تنهى عن التفاخر بالاحساب والهجاء الفاحش .

__________________
يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي * رزق الهدى من للهداية يسأل
اسمع كلام محقق في قوله * لا ينثني عنه ولا يتبدل
حب الصحابة كلهم لي مذهب * ومودة القربى بها أتوسل
ولكلهم قدر وفضل ساطع * لكنما الصديق منهم أفضل
وأقر بالقرآن ماجاءت به * آياته فهو الكلام المنزل
وجميع آيات الصفات أمرها * حقا كما نقل الطراز الأول
وأرد عقبتها إلى نقالها * وأصونها عن كل ما يتخيل
قبحا لمن نبذ الكتاب وراءه * وإذا استدل قال يقول الأخطل
والمؤمنون يرون حقا ربهم * وإلى السماء بغير كيف ينزل



0 التعليقات: